أكدت جلسة حوارية نظمها مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم اليوم، أهمية ترسيخ مفهوم الهوية الوطنية والمبادئ الأصيلة، ورصد التحديات التي يتعرض لها المجتمع وتأثيراتها غير المقبولة في منظومتنا الأخلاقية والثقافية، ودعت الجلسة التي حملت عنوان "الهوية الوطنية والقيم الإنسانية" بمشاركة كل من الدكتور الشريف الهاشمي طوطاو، أستاذ مساعد بجامعة السلطان قابوس، والدكتورة يسرى بنت محمد المغيرية، مدير مساعد للتوجيه المهني والإرشاد الطلابي إلى الاهتمام بالأسرة كونها الحصن الواقي للأبناء من الاتجاهات الفكرية السلبية.
افتتحت الجلسة بمناقشة شاملة حول مفهوم الهوية الوطنية وضرورة ترسيخ المبادئ الأصيلة في المجتمع العماني، حيث أكدت الدكتورة يسرى المغيرية على دور الهوية الوطنية باعتبارها عنصرًا أساسيًا في تشكيل القيم الإنسانية، مشيرة إلى أن الهوية ليست مجرد شعارات، بل هي محور رئيسي يحدد معالم شخصية كل فرد في المجتمع.
وتطرقت المغيرية إلى أهمية التربية والتعليم في تعزيز الهوية الوطنية منذ الصغر، وضرورة حماية الأجيال الجديدة من التأثيرات السلبية للعولمة، وذكرت "أن علينا استثمار العولمة بما يخدم الهوية الوطنية، دون الوقوع في فخ القيم الدخيلة التي تتسلل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مثل تقليد بعض المشاهير وما يرتبط بذلك من أفكار سلبية".
من جهته، سلط الدكتور الشريف الهاشمي طوطاو الضوء على مفهوم القيّم، معتبرا القيم هي التي تحدد هوية المجتمع وأن الفرد في المجتمعات الغربية أصبح متمركزًا حول ذاته، مما أسفر عن "أزمة القيم" التي تعاني منها تلك المجتمعات وأن العالم اليوم بات قرية كونية صغيرة، مما يجعلنا في مأزق التأثر بالأفكار الغربية التي تسعى لتصدير قيمها إلينا.
وفي السياق، تساءل طوطاو عن مفهوم حقوق الإنسان الذي يروّج له الغرب، مؤكدًا أن هذا المفهوم غالبا ما يتعلق بخصوصيات ثقافية معينة ويغفل السياقات المختلفة للدول الأخرى مؤكدا على أن القيم يجب أن تكون متجذرة في الثقافة المحلية، مشددا على ضرورة الحفاظ على الخصوصية الثقافية للعمانيين.
وأشار الدكتور الشريف إلى أهمية القيم في تشكيل الهوية، وأن هوية أي مجتمع تُعرف من خلال قيمه مبينا بقوله: "إن اللباس العماني يعد رمزا من رموز الهوية، حيث يجذب انتباه أي زائر إلى سلطنة عمان، كما أن قيم التعايش والتسامح التي يتميز بها المجتمع العماني تعكس خصوصية هذه الهوية".
وأضاف الشريف: أنه في ظل انتشار القيم الغربية، التي تروج لنا عبر المنتجات الاستهلاكية مثل الهواتف والسيارات، يتوجب علينا أن نكون واعين في استهلاكنا، والحفاظ على هويتنا وأصالتنا، لكن ذلك لا يعني الانعزال عن العالم، بل يجب أن نأخذ ما نحتاجه من مجالات مثل العلم والتكنولوجيا.
وفي حديثها حول إستراتيجيات تعزيز الهوية الوطنية لدى طلبة المدارس، أكدت الدكتورة يسرى أن ملامح هوية الطالب تتجلى منذ اللحظة التي يخطو فيها عتبة المدرسة، حيث يتجسد هذا المفهوم في زيّه الرسمي الذي يعكس التراث الثقافي العميق للبلد، مشيرة إلى أن الاحتفالات الوطنية والفعاليات المدرسية تمثل منصات حيوية تعزز شعور الانتماء، مما يسهم في تنمية الوعي الوطني لدى الطلبة ويشجعهم على التفاعل الإيجابي مع قيمهم الثقافية.
كما أكدت على أهمية تعزيز التفكير النقدي لدى الطلبة، مشددة على ضرورة أن يتعلموا كيفية قراءة الأحداث والمواد التعليمية بعمق وفهم ما بين السطور، فهذه المهارات ليست مجرد إضافات أكاديمية، بل تشكل أساسا لبناء شخصياتهم كأفراد واعين وقادرين على فهم تحديات العالم من حولهم.
وأشار الفاضل: بدر بن محمد المسكري، مدير إدارة الشؤون الثقافية في مركز السلطان قابوس للثقافة والعلوم، إلى أهمية هذه الجلسات في تعزيز الوعي الثقافي وتعميق النقاش حول الهوية الوطنية وتنمية القيم العمانية والحفاظ عليها، مشيرًا إلى اختيار الجمهور المستهدف بعناية، حيث ضم مختلف الفئات العمرية من طلبة التعليم العام ومؤسسات التعليم العالي، بالإضافة إلى عدد من المختصين من الجهات الحكومية ذات الصلة، مثل اللجنة الوطنية للثقافة والعلوم، ووزارة التعليم العالي، ووزارة التنمية الاجتماعية، ووزارة التربية والتعليم.
وحظيت الجلسة بتفاعل إيجابي من الحضور، حيث طرح المشاركون أسئلة تتعلق بكيفية تعزيز الهوية الوطنية مع وجود التحديات الحالية، بالإضافة إلى تجاربهم الشخصية مع القيم الإنسانية.
واختتمت الجلسة بتوصيات تدعو إلى تطوير برامج ثقافية وتعليمية تعزز الهوية الوطنية والقيم الإنسانية، مع التأكيد على أهمية التعاون بين المؤسسات التعليمية والثقافية لتحقيق هذا الهدف.