بدأت فعاليات الأسبوع الثقافي لمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم بعنوان "الأسرة العمانية والتحديات المعاصرة " تحت رعاية سعادة عيسى بن حمد العزري أمين عام المجلس الأعلى للقضاء وحضور عدد من أصحاب السعادة والمسؤولين وذلك في مقر المركز بمرتفعات المطار.
وقال بدر بن محمد المسكري مدير إدارة الشؤون الثقافية في افتتاح الفعاليات: يأتي تنظيم الأسبوع ضمن خطة النشاط الثقافي لمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم لهذا العام، إسهاما منه في تسليط الضوء على نواة ولبنة المجتمع العماني"الأسرة العُمانية"، من خلال طرح رصين من عدد من الأكاديميين والمتخصصين لكل التحديات التي تواجهها والحلول المقترحة لها، بدءا من إشكاليات المجتمع وانخراطه في العالم الرقمي، والطرق الإرشادية السليمة التي يمكن أن تقلل من هذا التوجه؛ للحفاظ على كيان الأسرة التربوي والاجتماعي والأخلاقي دون الخضوع تحت وطأة التحديات التي أصبحت واقعًا يلامسه المجتمع وأفراده.
وأضاف: اكتسب المجتمع العماني الميزة والخصوصية منذ حقبة زمنية ضاربة في القدم، ويقف شامخًا بشموخ أفراده المنتمين لأسر ومجتمع ذات ثوابت قوية، وما نشهده اليوم في عالمنا الرقمي من تأثير مستهدف، سواء التأثير الإيجابي الساعي لرفعة قيم المجتمع ودوره التربوي والأسري، أو ما كثر نظيره من السلبيات التي باتت تغزو المجتمعات بطرق شتى، وأشكال متعددة، الأمر الذي بات أثره واضحًا ومنعكسًا بوضوح على الحالات النفسية التي تشهدها المجتمعات بصورة متزايدة في نفوس أفرادها، وليس المجتمع العُماني ببعيد عن هذا الانجرار، والانسياق خلف الظواهر الاجتماعية غير المألوفة فيه، التي أصبحت تظهر للعيان بين حين وآخر، والحاصلة بكثرة في المجتمعات الأخرى كالتنمر وعدم الانضباط السلوكي، وما يقوم به البعض من ابتزاز بغية استدراج الضحية لمال أو غيره، وما يحدث داخل الأسرة الواحدة من حالات تؤدي إلى التفكك الأسري، كل هذا سيكون عرضة وهدفا ينمو ويتوسع أثره بشكل متسارع إن لم يتم تقديم الحلول الناجعة والسريعة لها.
منصة الخليل
وقدم راشد بن حميد الدغيشي مدير دائرة الشؤون الثقافية عرضا مرئيا استعرض فيه الجهود التي يبذلها المركز لتحقيق رؤيته في إيجاد ثقافة علمية بأصالة عمانية وفكر معاصر ذات ريادة ومكانة محلية وعالمية في المجالات الثقافية والعلمية والتعليمية والبحثية، مشيرا إلى إقامة الأنشطة والفعاليات الثقافية في مختلف محافظات سلطنة عمان التي تقام على مدار العام من خلال خطة سنوية كالندوات والمحاضرات والأمسيات والجلسات الحوارية وغيرها. وأكد الدغيشي العمل على إنشاء منصة "الخليل لتعليم اللغة العربية " بمعهد السلطان قابوس لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وهي منصة وطنية ستعرف بسلطنة عمان وتعمل على تعليم اللغة العربية ونشرها من خلال عدد من البرمجيات والتطبيقات المهمة والتي يتوقع أن يتم تدشينها العام المقبل.
جلسات حوارية
وأقيم في اليوم الأول من الأسبوع الثقافي جلسة حوارية بعنوان "الأسرة العمانية والعالم الرقمي" أدارتها وطفه الفارسية وشارك فيها الدكتور رامي طشطوش أستاذ مشارك بقسم علم النفس بكلية التربية في جامعة السلطان قابوس تحدث فيها عن العالم الرقمي وثقافة الاستهلاك حيث أوضح أن معظم أفراد المجتمع العماني يفضلون استخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي المحمولة على الهواتف الذكية لسهولة التواصل والاستخدام وجاء ترتيب شبكات وتطبيقات التواصل الاجتماعي من أجل استخدامها في المرتبة الأولى تطبيق "الواتساب" لقلة الكلفة مقارنة بالمكالمات مثلا وثانيا "الإنستجرام" حيث يستخدمه حوالي 96% من أفراد المجتمع العماني وبعدها منصة أكس وجوجل بلاس والفيس بوك وبرنامج الإيمو ويعد تطبيق "بلاك بيري ماسنجر" من البرامج الأقل استخداما في المجتمع.
ويرى الدكتور بأن أغراض الاستخدام كما حللتها دراسة علمية تمثلت في أن 96% من الأفراد يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لأغراض اجتماعية وفي المرتبة الثانية في مجالات الثقافة والتعليم وبعدها في الاستخدامات التجارية والإعلانات وتليها الوظيفية.
أما حول كثافة استخدام شبكات التواصل الاجتماعي فقد قال الدكتور إن الكثير من الأفراد يستخدمونها حوالي من 3 إلى4 ساعات يوميا و25% من الأفراد يستخدمونها من 5 إلى 6 ساعات يوميا وحوالي7% يستخدمونها من 7إلى 8 ساعات وهناك نسبة تستخدم التواصل بأكثر من 9 ساعات يوميا نطلق عليها فئة المدمنين لخطورة مؤشرات الاستخدام في هذه الفئة.
ارتفاع القضايا
وتناول عدنان بن مصطفي الفارسي المدير العام المساعد لدائرة الشراكة وتنمية المجتمع بوزارة التنمية الاجتماعية محور "المؤثرون بين المنفعة والخطور" وكيف أثر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على مجريات الحياة عبر السنوات، وقال: استطاعت وسائل التواصل الاجتماعي الكشف عن خصوصيات الأفراد وحياتهم الخاصة التي نتج عنها الكثير من الجرائم خاصة بعد تحليل ودراسة بعض الجرائم مع المختصين اتضح أن الجناة يتبعون تحركات المجني عليهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفيه اختراق لخصوصية الأفراد.
وأضاف الفارسي: ساهم العالم الرقمي في تعرض أفراد المجتمع إلى الكثير من الجرائم الإلكترونية وارتفاع قضايا الابتزاز والاحتيال بين قضايا الأحداث خاصة التي لم تكن موجودة سابقا والآن هناك الكثير من القضايا التي تسجل في جرائم تقنية المعلومات لدى هذه الفئة العمرية الصغيرة.
واستعرض الفارسي نتائج دراسة أعدتها وزارة التنمية الاجتماعية بالشراكة مع جمعية الاجتماعيين العمانية لعينة من الطلبة من مختلف المحافظات نتج عنها أن 99% من العينة يمتلكون أجهزة إلكترونية تنوعت بين الهاتف النقال والحاسب الآلي وألعاب الفيديو وألواح التصفح. وهذه الوسائل والتطبيقات تحمل مؤشرا خطيرا على سيطرتها واستحواذها على الحياة اليومية حيث يستخدم 75% الهاتف النقال وهي نسبة مرتفعة لوجود هاتف بيد فئة من الأطفال.
كما اتضح أن 24% من العينة يستخدمون الأجهزة من ساعة إلى ساعتين و21% من ساعة إلى 3 ساعات 17% من 3 ساعات إلى 5 ساعات... وهذه المؤشرات خطيرة لكثرة استخدام هذه الفئة لوسائل العالم الرقمي وتتم الاستخدامات في نهاية الأسبوع أو بالفترة المسائية بعد الرجوع من المدرسة ما يدل على أن الطلبة يمكثون أوقات مرتفعة في استخدام وسائل العالم الرقمي يأتي تطبيق "الواتساب" في الصدارة والإنستجرام وغيره.
وأكد الفارسي إلى أهمية تعزيز الرقابة الذاتية بين أفراد المجتمع حتى لا يستسلم الشخص للأفكار الهادمة التي تبث في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت والمواقع حيث يُوّجه هجوم واضح على الأسرة بتوجيه الكثير من الأفكار الهادمة الغربية على الأطفال والشباب وبث الأفكار التي تتنافى مع العادات والقيم الإسلامية والأخلاق وهدفها زعزعت روابط الأسرة عبر العالم الرقمي.
وتضمنت الفعاليات افتتاح المعرض المصاحب حيث تجول فيه راعي الحفل والحضور للتعرف على الكتب الثقافية والاجتماعية في الشأن المحلي المختصة بالأسرة والعالم الرقمي واستعراض اللوحات الفنية التي تعبر عن الثقافة العمانية الإسلامية.
وتستمر فعاليات الأسبوع الثقافي غدا الاثنين بعقد جلسة حوارية حول "الطلاق في المجتمع العماني" سيتحدث فيها الدكتور هلال الخروصي وعن "الطلاق والأسباب والحلول" كما ستقدم نقاء اللواتية عن "أثر الطلاق على التفكك الأسري" وتدير الجلسة مريم البداعية.